بسم الله الرحمن الرحيم
لقد تعرضت لقرائة العديد من الاراء التى تولت تعريف معنى العمومية والتجريد للقاعدة القانونية ولكن وجدت كثيرا من تلك التعريفات غير صحيحة مخالفة للحقيقة لان كل تلك التعريفات قد جاء بتعريف العمومية واعادتة مرة اخرى على تعريف التجريد .
بمعنى ان كل من عرف العمومية بانها عامة تسرى على كل الافراد وكل الوقائع ومجردة بمعنى انها لا تسرى على شخص بعينة او واقعة بذاتها . وهذا التفسير غير صحيح لانة يردد تعريف العمومية ويخصصة ويجعلة ذات المعنى للتجريد .
اما تعريفى لمفهوم العمومية والتجريد للقاعدة القانونية فهى :-
العمومية :-
تعنى ان القاعدة القانونية تسرى على الكافة من حيث الاشخاص والوقائع فهى تسرى على كل الاشخاص دون تمييز كما انها تسرى على كل الوقائع التى تنظمها او تحكمها تلك القاعدة .
التجريد :-
هو ان القاعدة القانونية يشترط ان تكون واضحة لا لبس فيها ولا غموض ومستوفية لشروطها فلا تحتاج الى ما يفسرها او يكملها .
فالعمومية والتجريد فى القاعدة القانونية هما امران متلازمان ويكملان بعضهما البعض وبدون احداهما لا تكتمل القاعدة لمفهمومها الصحيح .
ذلك لان العمومية امرا ينظم القاعدة من حيث السريان سواء من حيث سريان القاعدة القانونية على الاشخاص جميعا ومن حيث الوقائع جميعها فلا يصح ان تسرى القاعدة على فرد دون الاخر ممن تنطبق عليهم , كما لا يجوز ان تطبق على واقعة دون الاخرى ممن تسرى عليها القاعدة .
والتجريد هنا مكمل للمفهوم الصحيح للقاعدة القانونية من حيث امكانية القواعد القانونية وقدرتها على ان تسرى على جميع الافراد وجميع الوقائع . ذلك لان القاعدة القانونية لابد ان تكون كافية بذاتها للتطبيق على كافة الافراد والوقائع التى تحكمها دون ان تكون فى حاجة الى ما يكملها نصوص اخرى
ودون ان تكون فى حاجة الى ما يفسرها فلا يجوز ان تكون غامضة او مبهمة بحيث تحتاج الى ما يفسر ما شابها من غموض او لحق بها من لبس يجعل من تطبيقها على الافراد او الوقائع امر مستحيل .
مثال :- قاعدة تعريف السرقة . ينص القانون على (( ان كل من اختلس منقولاً مملوكاً لغيره فهو سارق)) .
فتلك القاعدة القانونية عامة تسرى على كل فرد يسرق وعلى كل وقائع الاستيلاء على الاشياء المنقولة المملوكة للغير ,,
ومجردة فهى واضحة الدلالة على ان كل شخص ياخذ مال منقول مملوك للغير دون علمة ودون ارادتة خلسة فهذا الشخص سارق , فالمال هنا واضح بانة كل منقول مملوك للغير وهذا التعريف الواسع لكل ما يقوم بمال .
فاذا كانت تلك القاعدة لم تنص بكل وضوح ولم تفسر ان المال الذى يعتبر الاستيلاء علية سرقة هو المال المنقول اذن فان تلك القاعدة تكون غير مجردة لانها سوف تكون فى حاجة الى توضيح نوع المال الذى يعتبر الاعتداء علية سرقة ( هل المال بمعنى النقود او كل ما يقوم بالنقود بشرط ان يكون منقول اى سهل السرقة والنقل من حيازة المجنى علية الى حيازة الجانى )
اذا فالقاعدة سالفة الذكر متكامله لشروطها القانونية فهى عامة تسرى على كل الافراد وعلى كل الوقائع ومجردة لا تحتاج الى ما يكملها او يفسرها ولم يشوبها اى غموض او لبس يحول دون تطبيقها على الواقع .
مثال للقاعدة الغير مجردة :-
أما عن القاعدة القانونية الغير مجردة فهي تتمثل في الاتي :- الغرامة التي وردت في قانون البناء وهي غرامة مثلي قيمة الاعمال , فهي مثال للقاعدة الغير مجردة ويترتب علي ذلك مخالفتها للدستور , ذلك لان النص علي ان تكون الغرامة في البناء بدون ترخيص هي مثلي قيمة الاعمال فهذا النص قد أحال إلي محضر المخالفة في تحديد مقدار العقوبة التي يجب القضاء بها , وبالتالي فالحكم هنا لا يكون صحيحا لاستكمالة عنصر هام من عناصرة وهو تحديد مقدار العقوبة من محضر المخالفة وليس من القانون .
( بخلاف ما هو مقرر في الغرامات بنص المادة 22 عقوبات والتي تنص علي :- العقوبة بالغرامة هى إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ فى الحكم , ...... ولا يجوز أن تقل الغرامة عن مائة قرش ولا أن يزيد حدها الأقصى فى الجنح على خمسمائة جنيه ، وذلك مع عدم الإخلال بالحدود التى يبينها القانون لكل جريمة ) .
ذلك لانة لا يجب أن تكون قيمة الاعمال التي تحددها الجهة محررة المحضر هي المكملة والاساس لتقدير العقوبة وتكون هي الاصل في استكمال الحكم القضائي لعنصر من عناصرة وهي مقدار الغرامة التي يجب القضاء بها علي الجاني في كل مخالفة .
وكذلك لا يجب ان يتوقف الحكم علي ما تقررة الجهة من قيمة أعمال للمخالفة محل الواقعة لتفاوت قيمة كل مخالفة عن الاخري ولكون تحديد مقدار المخالف يتوقف علي إرادة محرر المحضر إن شاء فرض قيمة عالية أو قيمة اقل لكل مخالفة علي حدة , وعلي هذا يتضح أن النص القانوني هنا غير مجرد لانه لا يجوز أن يحكم القاضي إلا ذا وجدت قيمة أعمال , وبذلك يستكمل القاضي منطوق حكمة علي أمر أو فعل خارج نطاق النص القانون وهو تقدير قيمة الاعمال المخالفة , وهذا أمر يشكل مخالفة للدستور للاتي :-
1 :- أن النص القانوني أحال إلي محضر المخالف لاستكمال قيمة الغرامة التي يجب القضاء بها في كل مخالفة وبالتالي تفاوت العقوبة طبقا لتفاوت قيمة الاعمال المخالفة .
2 :- ان النص علي أن تكون قيمة الاعمال هي الاساس في تقدير العقوبة هو أمر مخالف للدستور لكون قيمة الاعمال التي تتم تختالف من مبني أو مخالفة عن الاخري وبالتالي فإن تقدير قيمة العقوبة سوف يختلف في كل واقعة أو مخالفة عن الواقعة الاخري رغم الاتحاد في توافر ركان الجريمة من توافر القصد الجنائي والفعل المكون لكل جريمة لدي كل مخالف , ورغم ذلك تختلف العقوبة لكل مرتكب مالفة عن الاخر بسبب لا دخل ولا علاقة له باركان الجريمة وهو قيمة الاعمال المخالفة , وهو امر خارج نطاق وحدد النص المجرم .
لذلك فإن القاعدة القانونية يجب أن تكون متكاملة مستوفية لكافة الاحكام والشروط القائمة عليها دون ان تكون فى حاجة الى ما يكملها او يوضح احكامها او يفسر معانيها , فهى مجردة من اى نقصان او تقصير او عيب قد ينال من احكامها بحيث لا تكون صالحة لحكم الموضوع الذى ينظمة القانون هذا والله اعلى واعلم
وشكرا